الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
*1* الجزء الثاني 1176 - [ص 2] (أعطيت أمتي) أي أمة الإجابة (شيئاً) نكره للتعظيم (لم يعطه أحد من الأمم) السابقة وذلك (أن يقولوا) يعني يقول المصاب (عند المصيبة: إنا للّه وإنا إليه راجعون) وهذا صريح في أن الاسترجاع من خصائص هذه الأمة، وفيه أنه يسن لمن أصيب بميت أو في نفسه أو أهله أو ماله أن يقول ذلك، وزاد الفقهاء أخذاً من حديث آخر اللّهم آجرني في مصيبتي وأخلف عليّ خيراً منها. - (طب وابن مردويه) في تفسيره عن (ابن عباس) قال الهيثمي: فيه خالد بن محمد الطحان وهو ضعيف. اهـ. لكن يعضده ما رواه ابن جرير والبيهقي في الشعب وغيرهما عن سعيد بن جبير لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئاً لم يعطه الأنبياء قبلهم ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول يا أسفي على يوسف- إنا للّه وإنا إليه راجعون. 1177 - (أعطيت قريش) القبيلة المعروفة ومر وجه تسميتها بذلك (ما لم يعط الناس) أي القبائل غيرهم، قالوا وما ذاك يا رسول اللّه؟ قال (أعطوا ما أمطرت السماء) أي النبات الذي ينبت بالمطر (وما جرت به الأنهار وما سالت به السيول) يحتمل أن المراد أن اللّه تعالى خفف عنهم التعب والنصب في معايشهم فلم يجعل زرعهم يسقى بمؤنة كالسوقي بل يسقى بماء المطر والأنهار والسيول من غير كلفة، ويحتمل أن المراد أن الشارع أقطعهم ذلك في بلادهم، وفي الحديث إيماء إلى أن الخلافة فيهم لتمييزهم على غيرهم بما أعطوا. - الحسن بن سفيان) في جزئه (وأبو نعيم في المعرفة) أي في كتاب معرفة الصحابة من حديث أبي الزاهرية (عن حلبس) بحاء مهملة مفتوحة ولام ساكنة وموحدة مفتوحة وسين مهملة: وزن جعفر، وقيل هو بمثناة تحتية مصغراً صحابي، قال أبو نعيم: يعد في الحمصيين، وهذا هو المراد هنا، ولهم أيضاً حلبس بن زيد الضبي، صحابي. 1187 - (أعطي) بالبناء للمجهول (يوسف) بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل (شطر الحسن) أي حظاً عظيماً من حسن أهل الدنيا، ولفظ رواية الحاكم: أعطي يوسف وأمه شطر الحسن. قال في الميزان متصلاً بالحديث، يعني سارة اهـ. فلا أدري أهو من تتمة الحديث أو من تفسير الراوي. ثم إن قلت هذا يخالفه ما في خبر الحاكم: إن اللّه قسم له من الجمال الثلثين وقسم بين عباده الثلث، وكان يشبه آدم يوم خلقه اللّه، فلما عصى آدم نزع منه النور والبهاء والحسن ووهب له الثلث من الجمال بالتوبة -هذا لا يتفق مع قوله تعالى، إن اللّه اصطفى آدم، الآية فتدبر. فأعطى اللّه يوسف الثلثين. اهـ- قلت كلا لا منافاة لأن الشطر قد يطلق ويراد به الجزء من الشيء، لا النصف، وكم من نظير، وبتأمل حديث الحاكم المذكور يعلم اندفاع قول ابن المنير والزركشي في حديث: أعطي يوسف شطر الحسن يتبادر إلى إفهام بعض الناس أن الناس يشتركون في الشطر الثاني وليس كذلك، بل المراد أنه أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا، فإنه بلغ النهاية ويوسف بلغ شطرها. - (ش حم ع ك عن أنس) قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي. وقال الهيثمي: رجال أبي يعلى رجال الصحيح، وظاهر [ص 3] صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجاً لأحد الشيخين وإلا لما عدل عنه، والأمر بخلافه، فقد رواه مسلم في قصة الإسراء ولفظه، فإذا أنا بيوسف، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن. ومن ثم عزا حديث الترجمة بنصه جمع لمسلم منهم السخاوي ثم رأيت المصنف نفسه قال في الدرر إنه في الصحيح من حديث الإسراء. 1179 - (أعظم الأيام) أي أعظمها (عند اللّه يوم النحر) لأنه يوم الحج الأكبر، وفيه معظم أعمال النسك (ثم يوم القر) ثاني يوم النحر لأنهم يقرون فيه أي يقيمون ويستحمون مما تعبوا في الأيام الثلاثة ذكره الزمخشري. وقال البغوي: سمي به لأن أهل الموسم يوم التروية وعرفة والنحر في تعب من الحج فكان الغد من النحر قرأ اهـ. وفضلهما لذاتهما أو فيما يخصهما من وظائف العبادة، والجمهور على أن يوم عرفة أفضل ثم النحر فمعنى قوله أفضل أي من أفضل كما يقال فلان أعقل الناس أي وأعلمهم. - (حم د ك) في الأضاحي (عن عبد اللّه بن قرط) بضم القاف الأزدي الثمامي بضم المثلثة وخفة الميم كان اسمه شيطاناً، فسماه النبي صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه، شهد اليرموك وغيره، واستعمله معاوية على حمص، قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي. 1180 - (أعظم) رواية ابن عدي إن أعظم (الخطايا) أي الذنوب الصادرة عن عمد، يقال خطى إذا أذنب معتمداً. ذكره الزمخشري (اللسان الكذوب) أي الكثير الكذب، لأن اللسان أكثر الأعضاء عملاً، وما من معصية إلا وله فيها مجال، فمن أهمله مرخى العنان ينطق بما شاء من البهتان سلك به في ميدان الخطايا والطغيان وما ينجى من شره إلا أن يقيده بلجام الشرع. - (ابن لال) أبو بكر في حديث طويل جامع ثم الديلمي (عن ابن مسعود) وفيه الحسن بن عمارة، قال الذهبي في الضعفاء متروك باتفاق. (عد) عن يعقوب بن إسحاق عن أحمد بن الفرج عن أيوب بن سويد عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن ابن عباس، قال كان من خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره ثم قال ابن عدي: ولا أعلم يرويه عن الثوري غير أيوب. ورواه أيضاً عن محمد بن إسحاق الوراق عن موسى بن سهل النسائي عن أيوب بن سويد عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عباس ثم قال ابن عدي وهذا إنما يرويه أيوب بهذا الإسناد اهـ. 1181 - (أعظم العيادة أجراً) أي أكثرها ثواباً (أخفها) بأن يخفف القعود عند المريض، فتطويل القعود عنده خلاف الأولى، لأنه قد يتضرر به لاحتياجه إلى تعهد أهله له ويحتمل أن المراد بتخفيفها كونها غباً لا كل يوم، فعلم أن العيادة - بالمثناة التحتية - كما ضبطه بعضهم، لا بالموحدة، وإن صح اعتباره بدليل تعقيبه ذلك في هذا الحديث نفسه بقوله والتعزية مرة هكذا هو بهذا اللفظ عند مخرجه البزار ومثله البيهقي في الشعب، وكأن المصنف أغفله ذهولاً، فالعيادة بالمثناة والتعزية أخوان فلذلك فرق بينهما. وأما العبادة بالموحدة فلا مناسبة بينها وبين التعزية، فمن جرى عليه فقد صحف وحرف جهلاً أو غباوة. - (البزار) من حديث ابن أبي فديك (عن علي) أمير المؤمنين، ثم قال - أعني البزار- وأحسب أن ابن فديك لم يسمع من علي أهـ وقد أشار المصنف بضعفه فإما أن يكون لانقطاعه ولكونه مع الانقطاع فيه علة أخرى. 1182 - (أعظم الغلول) بضم المعجمة: أي الخيانة، وكل من خان شيئاً في خفاء فقد غل يغل غلولاً كما في الصحاح وتبعوه فتفسير البعض له هنا بأنه الخيانة في الغنيمة غفلة عن تأمل الحديث (عند اللّه يوم القيامة) خصه لأنه يوم وقوع الجزاء [ص 4] وكشف الغطاء (ذراع) أو دونه كما يفيده خبر: من غصب قيد شبر من أرض (من الأرض) أي إثم غصبه ذراع من الأرض كما بينه بقوله (تجدون الرجلين جارين) أي متجاورين (في الأرض أو الدار) أو نحوها (فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه) أي من حق جاره المسلم، ومثله الذمي: أي مما يستحقه بملك أو وقف أو غيرهما (ذراعاً) مثلاً (فإذا اقتطعه) منه (طوقه) بالبناء للمجهول: أي يخسف به الأرض فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطوق (من سبع أرضين) يعني يعاقب بالخسف فيصير ما اقتطعه وما تحته من كل أرض من السبع طوقاً له ويعظم عنقه حتى يسع ذلك أو يتكلف أن يجعل له ذلك طوقاً ولا يستطيع فيعذب به كما في خبر: من كذب في منامه كلف أن يعقد شعيرة، والتطويق تطويق الإثم، أو المراد أن الظلم المذكور لازم له لزوم الطرق للعنق من قبيل - (حم طب) وكذا ابن أبي شيبة عن أبي مالك الأشجعي التابعي قال ابن حجر: سقط الصحابي أو هو الأشعري فليحرر كذا رأيته بخطه ثم قال إسناده حسن انتهى والظاهر من احتماليه: الأول فإن أحمد خرجه عن أبي مالك الأشعري ثم خرجه بالإسناد نفسه عن أبي مالك الأشجعي فلعله أسقط الصحابي سهواً. قال الهيثمي: وإسناده حسن وذكر المؤلف أن تطويق الأرض المغصوبة رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة وغيرها متواتراً وليس مراده هذا الحديث كما وهم بدليل أنه لما سرد من رواه من الصحابة لم يذكروا الأشجعي. 1183 - (أعظم الظلم ذراع) أي ظلم أي غصب ذراع (من الأرض) أو نحوها (ينتقصه المرء من حق أخيه) في الإسلام وإن لم يكن من النسب وذكر الأخ للغالب فالذمي كذلك وشمل الحق ملك الرقبة وملك المنفعة (ليست حصاة أخذها) منه (إلا طوقها يوم القيامة) على ما تقرر وذكر الذراع والحصاة لينبه على أن ما فوق ذلك أبلغ في الإثم وأعظم في الجرم والصعوبة والعقوبة والقصد بذكر الحصاة ونحوها مزيد الزجر والتنفير من الغصب ولو لشيء قليل جداً وأنه من الكبائر. - (طب) عن ابن مسعود رمز المصنف لحسنه. 1184 - (أعظم) لفظ رواية الشيخين فيما وقفت عليه إن أعظم (الناس أجراً) أي ثواباً وهو نصب على التمييز (في الصلاة أبعده) بالرفع خبر أعظم الناس (إليها ممشى) بفتح فسكون تمييز أي أبعدهم مسافة إلى المسجد لكثرة الخطا فيه المتضمنة للمشقة (فأبعدهم) أي أبعدهم ثم أبعدهم فالفاء هنا بمعنى ثم وأما قول الكرماني للاستمرار كلأمثل فالأمثل فمنعه العيني بأنه لم يذكر أحد من النحات أنها تجيء بمعناه واستثنى من أفضليته بعد الدار عن المسجد الإمام ومن [ص 5] تعطل القريب لغيبته ولا يعارض هذا الحديث خبر فضل البيت القريب من المسجد على البعيد كفضل المجاهد على القاعد لأن هذا راجع لتعيين البقعة والأول للفعل (والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام) ولو في آخر الوقت (أعظم أجراً من الذي يصليها) في وقت الاختيار وحده أو مع الإمام بغير انتظار (ثم ينام) فكما أن بعد المكان مؤثر في زيادة الأجر فكذا طول الزمن للمشقة (وفائدة) ثم ينام الإشارة إلى الاستراحة المقابلة للمشقة التي في ضمن الانتظار ذكره جمع وقال الطيبي في قوله ثم ينام جعل عدم انتظاره نوماً فيكون المنتظر وإن نام يقظان لأنه مراقب للوقت كمرابط منتهز فرصة المجاهدة وهذا بتضييع تلك الأوقات كالنائم فهو كأجير أدى ما عليه من العمل ثم مضى لسبيله. - (ق) في الصلاة (عن أبي موسى) الأشعري (ه عن أبي هريرة) قال أبو موسى أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فذكره. 1185 - (أعظم الناس هماً) أي حزناً وغماً وعزماً وقوة (المؤمن) أي الكامل إذ هو الذي (يهتم بأمر دنياه) أي بتحصيل ما يقوم بمؤنته ومؤنة ممونه (وبأمر آخرته) من القيام بالطاعات وتجنب الحرام والشبهات فإن راعى دنياه أضر بآخرته وإن راعى آخرته أضر بأمر دنياه إذ هما ضرتان فاهتمامه بأموره الدنيوية بحيث لا يخل بشيء من المطلوبات الأخروية صعب عسير إلا على من سهله اللّه عليه ولا يعارضه الأخبار الواردة بذم الدنيا ولعنها وإن الدراهم والدنانير مهلكة لأن الكلام هنا في الاهتمام لما لابد منه في مؤنة نفسه ومن يعوله وذلك محبوب بل واجب فهو في الحقيقة من أمر الآخرة وإن كان من الدنيا صورة. - (ه عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي قال في الميزان عن النسائي وغيره متروك وعن شعبة لأن أزني أحب إلي من أحدث عنه انتهى ورواه باللفظ المزبور عن أنس أيضاً البخاري في الضعفاء وكان ينبغي للمصنف ذكره للتقوية وبه يصير حسناً لغيره. 1186 - (أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها) حتى لو كان به قرحة فلحستها ما قامت بحقه ولو أمر أحد أن يسجد لأحد لأمرت بالسجود له فيجب أن لا تخونه في نفسها ومالها وأن لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب وأن لا تخرج إلا بإذنه ولو لجنازة أبويها (وأعظم الناس حقاً على الرجل) يعني الإنسان ولو أنثى فذكر الرجل وصف طرديّ (أمه) فحقها في الآكدية فوق حق الأب لما قاسته من المتاعب والشدائد في الحمل والولادة والحضانة ولأنها أشفق وأرأف من الأب فهي بمزيد البر أحق.
|